السبت، 13 أبريل 2013

" مفارقة !"

" مفارقة !" ذكرى محمد " مفارقة !" ذكرى محمد

ذكرى محمد نادر

قبل بضعة اشهر من الان..
كانت احتجاجات المثقفين والسياسيين, واغلبية افراد الشعب تصب جام نقمتها على " حكومة الخضراء" عبر انتقادات لاذعة ترتفع كلما ارتفعت كشوفات الفساد, وانفضاحات عمليات التلاعب والاختلاس بالمال العام, فتتداول مواقع التواصل الاجتماعي بالتهكم الذي يصل حد الانتقاص من الشعب العراقي نفسه, فيتطوع المعلقون باطلاق تواصيف مريعة بحق شعبهم ليس اقلها انه" شعب خانع" او " قطيع الخراف"" شعب بغير ارادة لايساق الا بالعصا"! توصيفات مريعة غيرها لا اريد الانخراط في ذكرها لما كانت تحمله من نقد لاذع وجلد للذات الانسانية والوطنية!
وقبل بضعة اشهر من الان..
كانت صور تعذيب المعتقلين تحصل على اكبر قدر من الشتائم بحق منفذيها والساكتين عليها والمسوغين لها !
وقد خيل لي في كثير من المرات ان هناك ثورة شعبية حقيقة لاجل الكرامة قادمة خصوصا بعدما قتلت القوات الامنية المتظاهرين في ساحات التحرير ,او بعد جريمة اغتيال" هادي المهدي" حينها وببسالة قل نظيرها, أشارت اصابع الناس كلها نحو شخصية القاتل, او لنقل نحو الجهة التي اصدرت اوامر تنفيذ تلك الجريمة البشعة ,حتى ان اغلبية صفحات الفيس بوك بادرت بوضع صورة المغدور بدل صورها الشخصية لاعلان تنبني رفض شعبي عارم لجرائم الاغتيال وتكميم الصوت المعارض !
سابقا.. قبل بضعة اشهر من الان وتحديدا قبل انطلاق التظاهرات الشعبية في ساحات المناطق الغربية, كان الجميع بدون استثناء ينادي لشحذ الهمة للوقوف بوجه الفساد المتفاقم حد ان السرقات صارت توصف " بالمافيا الحكومية المنظمة"!, وكان يندر ان يمر يوم واحد دون اعلان عن انكشاف سرقات برابعة النهار وعتمة الليل, ولطمس اثارها كان القائمون بها يعمدون للقتل او الحرق , كما حدث في سرقات البنوك والمصارف او في الحرق العمد لممتلكات الدولة ووزاراتها !

وما ان بدأت التظاهرات, اختلف الحال بقدرة عصا الساحر !!
قبل الاعتصامات لم يكن هناك سياسي واحد لم يشر بادانة الدستور, وكانت المطالبة بدراستة لتعديل فقراته, وتصحيح اوراق" المرشد الاول" للدولة المدنية, تنطلق اثر كل ازمة سياسية بالبلد " وما اكثرها" مشيرة بالاتهام الى عجز هذا " الدستور الملفق" الذي لم يضع نقاطا صريحة وواضحة في ما يتعلق بتفاصيل الحياة السياسة والتشريعية وسواها !
بعد الاحتجاجات الشعبية, " وبعصا الساحر نفسه" تحول نقد الدستور الى مساس لا يغتفر وكفر بالديمقراطية .. واصبح الدستور خطا احمر دونه الموت ولا يجب الاقتراب منه !
فما الذي تغيير ؟
الدستور الفاسد الفاقد الاهلية هو نفسه.. والفساد الحكومي في تصاعد ففي كل يوم هناك هروب مليارات الدولارات من خزينة شعب لديةه 8 مليون معدم وفقير.. والانتهاكات واعمال التعسف ضد الشعب تجري على قدم وساق بل انها بأزدياد .. فما الذي اخرس المنتقدين على احوالهم المزرية, ولماذا توجهت اقلامهم واصواتهم لانتقاد حراك شعبهم.. الا يسجل مثل هذا الموقف مفارقة وطنية عظمى؟
اكتب هذا .. وساحات الاعتصام الشعبية تخطت يومها العاشر بعد المئة, لتثبت انها ليست نزوة غضب, ولا قامت لصالح افراد, ولا جاءت لتدمير الديمقراطية: انها ثورة لتصحيح مسار العراق الدولة, ولإعادة كرامة الشعب للشعب.نحن ازاء فرصة عراقية بامتياز, فأما ان ندعم هذا الحراك لاجل الصالح العام لوضع قطار الوطن على سكته الصحيحة.. او أننا نحو جحيم الهاوية ماضون!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق