الثلاثاء، 6 مارس 2012

تكلم عزة ابراهيم فانصتوا 3

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تكلم عزة ابراهيم فانصتوا 3
لا يغرنك ارتقاء السهل إذا كان المنحدر وعراً
مثل
شبكة البصرة
صلاح المختار
ستراتيجية زواج المتعة




وفي اطار صلات امريكا وايران لابد من توضيح عدة حقائق تبدو غائبة، او مغيبة، في مواقف الكثير من المثقفين والساسة العرب وابرزها ما يلي :
1- تفاقم الخطر الايراني : ان الدور الايراني في العراق ازدادت خطورته ولم يتراجع، كما يروج مرتزقة ايران العرب، بعد سحب امريكا لبعض قواتها منه، ومكمن الخطورة المتزايدة في الدور الايراني حاليا هو ان ايران الان تعزز عملية تغيير هوية العراق كقطر عربي، وعلينا ان نتذكر حقيقة خطيرة وهي ان الاحتلال الامريكي في بدايته المدعوم، مباشرة ورسميا وبقوة، من قبل ايران استهدف اول ما استهدف عروبة العراق، فوضع دستورا فدراليا دعمته ايران بقوة، وتجلى ذلك في الدور الرئيس لعملاءها في اقرار وتبني ذلك الدستور، وهو دستور يقسم العراق الى طوائف واعراق، ومنع عملاء ايران وغيرهم وضع اي نص يؤكد الحقيقة المعروفة وهي ان العراق عربي واصروا على جعل عرب العراق وليس كل العراق جزء من الامة العربية وثبتوا نصا يقول بان العراق يمثل قوميات واديانا وطوائف مختلفة!
والاهم والاخطر هو ان امريكا تعاونت مع ايران مباشرة في تهجير اكثر من سبعة ملايين عراقي عربي شيعة وسنة من ديارهم خارج وداخل العراق بقوة الارهاب والفتن الطائفية الدموية، ومع عملية التهجير المنظم لملايين العرب من العراق ادخلت امريكا وايران وتركيا وغيرها اكثر من اربعة ملايين غير عربي ما بين فرس واكراد وتركمان وغيرهم من ايران وتركيا ولبنان وغيرها لجعل العراق سكانيا مثل يوغوسلافيا تتقارب فيه اعداد المكونات السكانية المختلفة فتسهل عملية تقسيمه. كان النجاح في تقسيم العراق مشروطا بتغيير تركيبته السكانية وانهاء وجود اغلبية عربية ساحقة وجعل العرب احد المكونات غير الطاغية عدديا، وهو ما قامت به ايران بدعم امريكي مباشر ورسمي. لقد كان العراق قبل الغزو يتميز بان العرب يشكلون فيه اكثر من 85 % من السكان وهو وضع كان لا يسمح بتقسيمه بحكم وجود اغلبية كبيرة جدا واقليات لا تستطيع فرض التقسيم، لهذا كان يجب تغيير التكوين السكاني للعراق فنفذت خطة امريكية ايرانية مشتركة لزيادة نسبة سكان الاقليات غير العربية وتقليص عدد العرب لايجاد تقارب سكاني يسمح بتقسيم العراق لاحقا. هذه الحقيقة اعترف بها ابراهيم الجعفري رسميا، حينما كان رئيسا للوزراء، بقوله انه منح الجنسية العراقية لاكثر من مليونين ونصف المليون غير عراقي اغلبهم من ايران.
الان وبعد تسع سنوات على الاحتلال تستثمر ايران بقوة السكان غير العراقيين الذين منحوا الجنسية العراقية في محاولتها ترسيخ نفوذها وتحكمها في العراق بعد ان سلمت امريكا العراق لايران رسميا. فهل تغيير هوية العراق قضية ثانوية يمكن ان تهمل او توضع في الخلف وتستمر عملية دعم ايران من قبل عرب خصوصا زعامات فلسطينية معروفة؟ ام ان تنفيذ ايران لخطة محو عروبة العراق تهديد مباشر وجوهري لمصير الامة العربية ومستقبلها؟ من منظور ستراتيجي ومن زاوية الانتساب القومي يعد النضال من اجل حماية العراق وهويته العربية المهمة الجوهرية والاساسية حاليا ولذلك لا يمكن تاجيل معركة الدفاع عن عروبة العراق او النظر اليها على انها مسألة ثانوية او التقليل من شأنها، وحماية هوية العراق الان تعني اولا وقبل كل شيء القضاء على النفوذ الايراني في العراق بكافة الطرق العسكرية والسياسية وغيرها لانه سرطان تقسيم العراق.

2 – المصير العربي المشترك : كما ان تغيير هوية فلسطين بصهينتها كان منطلقا وبداية لتغيير هوية كافة الاقطار العربية، وفق خطة متعاقبة نرى اثارها الان، فان تغيير هوية العراق هو نتاج ما حصل لفلسطين واذا نجحت خطة ايران وامريكا بتغيير هوية العراق فان ذلك سيعقبه حتما وبالضرورة تسهيل عملية تغيير هوية كافة الاقطار العربية واحدا بعد الاخر، خصوصا وان عملية تغيير الهوية العربية ليست هدفا ايرانيا فقط بل هو هدف مشترك لكل من امريكا والصهيونية وكيانها وبعض اوربا وتركيا. لذلك فان النضال العربي ضد ايران ومشروعها الاستعماري التوسعي واجب قومي مقدس لا يقل اهمية عن النضال ضد الصهيونية والدفاع عن فلسطين، اذا كنا عربا حقا ونؤمن بان فلسطين مثل العراق واليمن ومصر من حيث القيمة والاعتبار وان فلسطين جزء من الامة مثل باقي اجزاءها.
حينما يتلبس البعض ظن من اشد انواع الظنون اثما وهو الاعتقاد بان فلسطين وحدها لها قيمة وتستحق التضحيات من اجلها وان باقي الاقطار العربية ليست سوى قرابين تقدم لفلسطين فانه يطلق رصاصة مباشرة على رأس القضية الفلسطينية، لان العراقي الذي يؤمن بقاعنة ذاتية بان فلسطين قضيتنا المركزية التي تستحق التضحية بكل غال ونفيس ثم يجد اسماعيل هنية ومحود عباس يضحيات بالعراق من اجل مصالحهما، الاول مع ايران والثاني مع امريكا وعملاءها في العراق، فانه سيتساءل : ما الذي يجري؟ اليس التكتيك الصهيوني الاول هو عزل فلسطين عن العرب؟ اليس موقف هنية وعباس من العراق هو موقف معاد بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؟ فهنية وقبله خالد مشعل لا يكفان عن (الحج) الى قم دوريا ليقدما فروض الطاعة لخامنئي وهو نتنياهو ايران وشريك بوش واوباما، بينما عباس يزور العراق وتبدأ صفقات تجارية بين عباس وابنه ونظام الاحتلال!
ما هي نتيجة واثار هذه المواقف الساداتية الخطيرة التي تتخذ باسم الشعب الفلسطيني؟ بالتاكيد انها استخدمت وسوف تستخدم لتوفير بيئة تخلي الشعب العربي هذه المرة وليس الانظمة العربية فقط عن القضية الفلسطينية، وهنا يكمن الجذر الصهيوني التأمري لمواقف هنية وعباس : عزل الشعب الفلسطيني وقضية فلسطين عن العرب العاديين وليس الحكام فقط، وتلك هي الرصاصة التي تطلق على راس القضية الفلسطينية. واذا قال جاهل او مريض بداء المبالغات ولكن الشعب العربي تخلى عن القضية الفلسطينية مثل الانظمة فنقلو له ايها الجاهل انت لا تعلم حتى الان ان العراق احتل ونكل به وبقيادتها وبرئيسه الشهيد صدام حسين لانه رفض المساومة حول فلسطين وانه لو ساوم حول فلسطين واعترف باسرائيل لتوج ملك ملوك العرب والعجم.

3 – اين تدور المعركة الرئيسة؟ لكي لا نقع في فخ التبسيط الذاتي الذي يضلل اصحابه لابد من تذكر ان معركة العراق مازالت هي المعركة الرئيسة ستراتيجيا في الوطن العربي لعدة اسباب منها ان امريكا تتفق مع ايران على مواصلة زواج المتعة في العراق من اجل اكمال تدميره وانهاء دوره القومي كليا والى الابد، ولا يمكن تفسير تسليم امريكا العراق الى ايران الا في هذا الاطار التوافقي الامريكي - الايراني وليس التصادمي ستراتيجيا، وطبعا التوافق الستراتيجي هذا يسمح بل ينتج معارك تكتيكية موجودة حتى بين امريكا والاتحاد الاوربي، فهل انهاء عروبة العراق وتقسيمه نتيجة ثانوية او حالة تتفوق عليها في الخطورة اي حالة عربية بما في ذلك حالة فلسطين الان؟
لنتذكر بعقل واع ستراتيجيا ويدرك الواقع كما هو الان ان المعركة الان في الساحة الفلسطينية هي ليست معركة حسم وكسر عظم مع الصهيونية، فقد تخلت فتح وحماس عن هدف تحرير فلسطين وتركز هدفهما على اقامة دويلة قزمة ومقزمة في الضفة والقطاع فقط تكون توأما لاسرائيل وفقا للخطة الامريكية، وجدارا يحمي اسرائيل وفقا للخطة الاسرائيلية، وهذا التحول الذي بدأ بعد مشروع روجرز في نهاية الستينيات من القرن الماضي واكتمل باحتواء حماس بعد احتواء فتح واجبارهما على التخلي عن هدف تحرير فلسطين من البحر الى النهر، ليس سوى تماه السلطتين الفلسطينيتين في رام الله وغزة الكامل مع مواقف الانظمة العربية كلها، باستثناء موقف النظام الوطني في العراق الذي كان احد اهم اسباب اغتياله بعد غزوه هو موقفه الثابت من موضوع تحرير فلسطين، ولهذا فان النضال الحالي في الساحة الفلسطينية هو نضال ضمن الحلقة الفولاذية للحل الاستسلامي وليس في اطار تحرير فلسطين.

من هنا فان السؤال المركزي والحاسم هو : هل نفرط بالعراق الان وندفعه ليكون فلسطين الاخرى التي تتقاسمها امريكا وايران استعمارا وتفريسا وامركة من اجل كسب الصراع في الساحة الفلسطينية مع انه صراع مساومة في اطار امريكي صهيوني صارمين؟ هل سنحصل على كيان فلسطيني مقزم في جزء من الضفة وغزة مقابل انهاء العراق بتقسيمه ومحو عروبته؟ هذه اسئلة تطرح على الضمير الفلسطيني الحي والذي نثق بحكمه ونزاهته وعروبته والذي لم تتحول قطريته الفلسطينية الى اقنوم قطري مقدس بل بقي يؤمن بان فلسطين جزء من الامة وانها في القيمة مثل العراق واليمن ومصر وغيرها وانه لا يجوز التضحية بقطر عربي تحت غطاء فلسطيني زائف ومزيف.
يضاف الى ذلك ان الصراعات في كافة الساحات العربية ليست سوى صراعات ملحقة بالصراع الرئيس وخادمة له وهو الذي مازال يدور في العراق، فازمة سوريا مثلا ليست بخطورة ازمة العراق مهما سفح الدم بدليل ان الموقف الامريكي كان ومازال بعيدا عن اسقاط النظام السوري وكذلك موقف النيتو، رغم كل التصعيد المتعمد، ومحور الصراع في سوريا الان وهدفه الرئيس هو انهاء علاقات النظام السوري بايران، لان امريكا تريد جلب الزوجة الايرانية في زواج المتعة لبيت الطاعة بعد ان بدأت بالتمرد هنا وهناك وشرعت بالعمل على وراثة امريكا في كل مكان، ولذلك لم يعد سرا على الاطلاق انه حالما يقبل النظام السوري بفك العلاقات الستراتيجية مع ايران فسوف تنتهي الازمة السورية الدموية.
ومن يريد الحفاظ على وحدة سوريا وهويتها العربية وتحقيق مطاليب شعبها المشروعة، ونحن في مقدمتهم طبعا، عليه ان يفهم الاطار الستراتيجي الحقيقي والواقعي للصراع وليس التعامل مع تبدياته السياسية العابرة، او ان يفهمه بتأثير انفعالات قوية مشروعة، فتفجير الصراع في سوريا وحولها الان هو جزء جوهري من عملية حشد القوى من الطرفين الايراني والامريكي لاجل الفوز بصفقة العمر وهي من يسيطر على الاقليم كله امريكا ام ايران بعد اعادة ترتيب اوضاعه؟ اذ بعد تبادل الغزاة الادوار في العراق، الذي جعل ايران هي الغازي الاول بعد ان كانت الغازي الثاني الداعم للغازي الاول وهو امريكا واصبحت امريكا الغازي الثاني الداعم للغازي الاول وهو ايران، بعد هذا التبادل في الادوار نجد بعض الاضطراب في ترتيب القوى الاقليمية نتيجة محاولة الطرفين تحقيق مكاسب على حساب الاخر مستغلا كل منهما حالة التغيير.
وهو حال يفرض عملية اعادة ضبط الاوضاع : فمن وجهة نظر امريكية يجب اعادة ايران الى حجمها المطلوب الذي رسمته امريكا لها في المخطط الاقليمي، ومن وجهة نظر ايران يجب تغيير المعادلات الستراتيجية القائمة باستغلال اول لحالة التغيير والاضطراب الحالية لتحقيق تقدم ايراني كبير، وباستغلال ثان لظروف الضعف في امريكا والمتمثلة في مواجهتها لمشاكل خطيرة داخلية وخارجية فيها، واهم اهداف الاستغلال الايراني هذا هو اقامة (بدر) فارسي كامل يمتد من ايران الى لبنان مرورا بسوريا والعراق ويضمن سقوط الاردن والضفة الغربية وغزة في حضن ايران فتمتلك ايران القوة المطلوبة لتحقيق الانقلاب الستراتيجي الاقليمي الكبير المنشود وهو فرض سيطرتها على الخليج العربي والجزيرة والانتقال لفرض سيطرتها على المغرب العربي، وهكذا تكون امبراطورية فارس قد تم احياءها وتحقق حلم القوميون الفرس الاكبر.
وفي هذا الاطار فان ضرب النفوذ الايراني في سوريا يعد خطوة اساسية في اعادة تحجيم ايران وتقليم اظافرها وضبط تطلعاتها التوسعية ضمن نظام اقليمي مسيطر عليه امريكيا. وهذه الحقيقة تجعلنا نفهم مغزى عدم زج امريكا والنيتو حتى الان لكافة قواهما في اسقاط النظام وعملهما على اقناعه بتبني موقف اخر يبعد سوريا عن ايران كشرط لايقاف حمامات الدم في سوريا، وكان ذلك هو الهدف الواضح للدبلوماسية الامريكية قبل عام 2011 حيث قامت انظمة عربية بتطبيع علاقاتها مع النظام السوري مثل السعودية التي حسنت علاقاتها مع النظام وتمثل ذلك بتبادل الزيارات بين راسي الدولتين وازالة التوترات بينهما، اما قطر فكانت لها صلات ستراتيجية مع النظام وصلت حد قيام علاقات شخصية ممتازة بين امير قطر وحرمه والرئيس بشار الاسد وحرمه، من اجل اقناع الاخير بتحقيق ابتعاد تدريجي عن ايران، لكن تلك المحاولات فشلت فاصبح من الطبيعي ان تستغل امريكا (ربيعها)، الذي ننزف فيه دما عربيا غاليا بغزارة، لاجل ممارسة ضغوط دموية على النظام السوري لاقناعه بالابتعاد عن ايران.
لنلاحظ ان زواج المتعة الامريكي الايراني في العراق مازال حبيا وفاعلا، بينما تجري عمليات عض اصابع ايرانية امريكية لكسب المواقع خارج العراق ولضبط حدود ايران في العراق، فايران تريد حعل نفوذها في بقية الاقطار كنفوذها في العراق بينما امريكا تريد تحجيم النفوذ الايراني واعادته للحالة الاصلية في التوافق الامريكي الايراني وهي ان ايران جزء من منظومة اقليمية تقودها امريكا وتضم اسرائيل وتركيا وايران وتوابع عرب، وذلك هو النظام الشرق اوسطي الجديد، من هنا فان المطلوب امريكيا واسرائيليا هو تقليم اظافر ايران وليس تدمير كل نفوذها الاقليمي، وهو نفوذ وظيفته الاولى والاهم هي نشر الفتن الطائفية وادامتها وعدم السماح بانطفاءها وتلك حالة مثالية مطلوبة من قبل امريكا واسرائيل ايضا، ولذلك فان مكمن الخطورة في الوضع العربي برمته وبؤرة السرطان فيه هي بؤرة غزو العراق المشترك وليس اي بؤرة اخرى، ويستتبع تلك الحقيقة حقيقة اخرى وهي حل ازمات الاقطار العربية والاقليم تبدأ من انهاء الغزو الايراني – الامريكي في العراق وليس العكس.
يتبع....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق